يُعدّ سرطان البروستاتا واحدًا من أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين الرجال، خاصة مع التقدم في العمر. وعلى الرغم من خطورته إذا لم يُكتشف مبكرًا، إلا أن فرص الشفاء منه عالية عند التشخيص والعلاج في الوقت المناسب. وفي هذا المقال نستعرض بشكل شامل كل ما تحتاج معرفته عن سرطان البروستاتا، من أسبابه وأعراضه، إلى طرق العلاج المتاحة ونسبة الشفاء، مع توضيح تأثيره على الخصوبة وأهمية الفحوصات الدورية، فاحرص على المتابعة.
ما هو سرطان البروستاتا؟
يتطور سرطان البروستاتا في غدة البروستاتا، وهي غدة صغيرة تشبه حبة الجوز، تقع أسفل المثانة وأمام المستقيم لدى الذكور. وتقوم هذه الغدة بإفراز سائل يختلط بالسائل المنوي، مما يساعد على الحفاظ على صحة الحيوانات المنوية لضمان حدوث الإخصاب والحمل.
ويُعتبر سرطان البروستاتا مرضًا خطيرًا وشائعًا في الوقت نفسه، فمن بين كل 100 رجل، يُصاب نحو 13 بسرطان البروستاتا في مرحلة ما من حياتهم. ولحسن الحظ، يتم تشخيص أغلب المرضى قبل أن ينتشر السرطان خارج غدة البروستاتا، وفي هذه المرحلة، غالبًا ما يؤدي العلاج إلى القضاء على السرطان تمامًا.
أنواع سرطان البروستاتا:
إذا تم تشخيصك بسرطان البروستاتا، فغالبًا ما يكون من نوع “السرطان الغدي”، وتبدأ السرطانات الغدية في خلايا الغدد التي تفرز السوائل، مثل البروستاتا. ونادرًا ما يتكوّن سرطان البروستاتا من أنواع أخرى من الخلايا.
وتشمل الأنواع الأقل شيوعًا من سرطان البروستاتا ما يلي:
- السرطانات صغيرة الخلايا
- السرطانات الانتقالية الخلايا
- الأورام العصبية الصماوية
- الساركوما
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
ما هي أعراض سرطان البروستاتا بالتفصيل؟
نادراً ما يُسبب سرطان البروستاتا في مراحله المبكرة أي أعراض، ولكن مع تقدم المرض، قد تبدأ في ملاحظة بعض التغيرات. ويُنصح بالتواصل مع الطبيب إذا كنت تعاني من أي من الأعراض التالية:
- الحاجة المتكررة للتبول، والتي قد تكون مصحوبة بإلحاح، خاصة خلال الليل.
- ضعف تدفق البول أو التدفّق المتقطع.
- ألم أو حرقة أثناء التبول (عُسر التبول).
- فقدان السيطرة على المثانة (سلس البول).
- فقدان السيطرة على الأمعاء (سلس البراز).
- قذف مؤلم وضعف في الانتصاب (الضعف الجنسي).
- وجود دم في السائل المنوي أو البول.
- ألم في أسفل الظهر أو الورك أو الصدر.
الأعراض المتقدمة لسرطان البروستات:
في بعض الحالات، قد لا تظهر أي أعراض حتى في مراحل سرطان البروستاتا المتقدمة. وتعتمد العلامات المحتملة على حجم الورم ومدى انتشاره في الجسم. بالإضافة إلى الأعراض المذكورة أعلاه، قد تشمل الأعراض الأخرى لسرطان البروستاتا المتقدم ما يلي:
- ألم في العظام
- فقدان غير مبرر في الوزن
- الشعور بالإرهاق
أسباب سرطان البروستاتا
لا يعرف الباحثون السبب الدقيق وراء الإصابة بسرطان البروستاتا، ويتطور المرض عندما تحدث تغيّرات محددة، غالبًا في الخلايا الغدية، وعندما تبدو خلايا غدة البروستاتا غير طبيعية، قد يُشير الأطباء إلى هذه الحالة باسم النمو الورمي داخل البروستاتا، ويُصاب ما يقارب 50% من الرجال فوق سن الخمسين بهذه التغيّرات.
في البداية، تكون هذه التغيرات بطيئة، ولا تكون الخلايا سرطانية، ولكن مع مرور الوقت، قد تتحول إلى خلايا سرطانية. ويمكن تصنيف الخلايا السرطانية إلى خلايا منخفضة الدرجة أو عالية الدرجة؛ حيث تُعد الخلايا عالية الدرجة أكثر احتمالًا للنمو والانتشار، في حين أن الخلايا منخفضة الدرجة تنمو ببطء ونادرًا ما تشكّل مصدر قلق.
وعلى الرغم من أن السبب الدقيق لسرطان البروستاتا غير معروف، إلا أن هناك عدة عوامل قد تزيد من خطر الإصابة، وتشمل:
- العمر: يزداد خطر الإصابة بسرطان البروستاتا بعد سن الخمسين، ونادرًا ما يُصاب به الرجال قبل سن الخامسة والأربعين.
- التاريخ العائلي: الشخص الذي لديه قريب من الدرجة الأولى أُصيب بسرطان البروستاتا يكون أكثر عرضة للإصابة.
- العوامل الجينية: بعض الخصائص الوراثية الموروثة، مثل التغيرات في جينات BRCA1 وBRCA2، قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان البروستاتا، كما تزيد من احتمالية الإصابة بسرطان الثدي. كما أن الرجال الذين وُلدوا بمتلازمة “لينش” لديهم خطر أكبر للإصابة بسرطان البروستاتا وأنواع أخرى من السرطان.
- النظام الغذائي: تشير بعض الأدلة إلى أن الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون قد ترفع من احتمالية الإصابة بسرطان البروستاتا.
ومع أن هناك حاجة لمزيد من الدراسات لتأكيد تأثيرها، إلا أن بعض العوامل الأخرى التي قد تؤثر على خطر الإصابة بسرطان البروستاتا تشمل:
- السمنة
- التدخين
- استهلاك الكحول
- التعرّض لبعض المواد الكيميائية.
- التهاب غدة البروستاتا
- العدوى المنقولة جنسيًا
هل يمكن الشفاء من سرطان البروستات؟
يعتمد العلاج على مرحلة السرطان، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل درجة جليسون (Gleason Score) ومستويات مستضد البروستاتا النوعي (PSA). ومن المهم الإشارة إلى أن العديد من خيارات العلاج قد تكون مناسبة بغض النظر عن مرحلة المرض. وفيما يلي نعرض أبرز الخيارات العلاجية لسرطان البروستاتا، إلى جانب شرح ما قد يعنيه العلاج من حيث تأثيره على الخصوبة.
سرطان البروستاتا في مراحله المبكرة:
إذا كان الورم صغيرًا ومحصورًا في البروستاتا، فقد يوصي الطبيب بما يلي:
المراقبة أو المتابعة الدقيقة (Watchful Waiting):
يقوم الطبيب بمراقبة مستويات PSA في الدم بانتظام دون اتخاذ إجراءات فورية، وقد يعيد أخذ خزعة من البروستاتا للتحقق مما إذا كان الورم قد تطور وأصبح بحاجة إلى تدخل. ونظرًا لأن سرطان البروستاتا عادة ما ينمو ببطء، فقد تكون مخاطر الآثار الجانبية للعلاج أكبر من الحاجة الفورية للتدخل الطبي.
الجراحة:
إذا استدعت الحالة تدخلًا جراحيًا، يقوم طبيب متخصص في جراحة المسالك البولية بإجراء العملية. وقد تشمل استئصال البروستاتا الجذري (Radical Prostatectomy) ويتم خلاله إزالة غدة البروستاتا بالكامل، وقد يشمل الإجراء أيضًا إزالة الأنسجة المحيطة والحويصلات المنوية والعقد اللمفاوية القريبة. ويمكن تنفيذ هذه الجراحة باستخدام الجراحة المفتوحة أو المنظار أو الجراحة بمساعدة الروبوت.
العلاج الإشعاعي:
يُستخدم الإشعاع لقتل الخلايا السرطانية أو منعها من النمو، ويعتمد اختيار العلاج على عوامل متعددة، وسيناقش الطبيب الخيار الأفضل بناءً على حالة المريض. وتشمل الخيارات:
- العلاج الإشعاعي الخارج ويتم فيه توجيه الإشعاع من خارج الجسم نحو الخلايا السرطانية، ويُستخدم في بعض الحالات نظام إشعاعي موجه بالكمبيوتر لتقليل تأثيره على الأنسجة السليمة.
- العلاج الإشعاعي الداخلي ويتم فيه زرع بذور مشعة بالقرب من البروستاتا، ويستخدم الطبيب التصوير بالموجات فوق الصوتية أو الأشعة المقطعية لتوجيه موضع هذه البذور بدقة.
العلاج الهرموني:
قد يُستخدم العلاج الهرموني أيضًا في المراحل المبكرة للسرطان الموضعي، ويعمل هذا النوع من العلاج على تقليل مستويات الهرمونات الذكرية (الأندروجينات) أو تثبيط إنتاجها، وأهمها التستوستيرون والديهيدروتستوستيرون.
وتساعد هذه الهرمونات في نمو البروستاتا، كما أن سرطان البروستاتا يعتمد عليها للنمو. لذلك، فإن تقليل مستوياتها يمكن أن يبطئ أو يوقف نمو الخلايا السرطانية مؤقتًا. وغالبًا ما يُستخدم العلاج الهرموني لفترة محددة بعد العلاج الإشعاعي للحد من احتمالية عودة السرطان، أو كخيار بديل في حال عدم القدرة على إجراء الجراحة أو الإشعاع.
سرطان البروستاتا المتقدم:
مع تطور السرطان، قد ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، أو قد يعود بعد فترة من التحسن. وفي هذه الحالات، تختلف الخيارات العلاجية، وتشمل:
- العلاج الهرموني المكثف: يُستخدم لتقليل أو حجب تأثير الأندروجينات، وقد يشمل ذلك إزالة الخصيتين جراحيًا (وهي المصدر الرئيسي للتستوستيرون)، أو استخدام أدوية أو حقن تحاكي هذا التأثير بشكل كيميائي، ما يؤدي إلى تقليل مستويات التستوستيرون.
- العلاج الكيميائي: يُستخدم لقتل الخلايا السرطانية في أنحاء الجسم. لكنه قد يتسبب في آثار جانبية غير مرغوبة.
- العلاج الإشعاعي: يُستخدم لتدمير الحمض النووي داخل الخلايا السرطانية، مما يمنعها من التكاثر ويؤدي إلى موتها.
- العلاج الموجّه: يعتمد على أدوية تستهدف خلايا سرطانية معينة، فعلى سبيل المثال، في حال وجود طفرة في جين BRCA، يمكن استخدام أدوية مثبطة لإنزيم PARP لمهاجمة الخلايا السرطانية.
- العلاج المناعي: يُحفّز الجهاز المناعي في الجسم لمهاجمة الخلايا السرطانية، باستخدام مواد طبيعية أو مصنّعة معمليًا لتعزيز دفاعات الجسم ضد السرطان.
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
سرطان البروستاتا والعقم
تلعب غدة البروستاتا دورًا مهمًا في عملية التكاثر الجنسي، ويؤثر سرطان البروستاتا، إلى جانب العديد من خيارات علاجه، على الخصوبة بطرق مختلفة. فعلى سبيل المثال، تؤثر الجراحة التي تُجرى لإزالة غدة البروستاتا أو الخصيتين على إنتاج السائل المنوي والقدرة على الإنجاب. كما يمكن للعلاج الإشعاعي أن يؤثر في أنسجة البروستاتا، مما يؤدي إلى تلف الحيوانات المنوية وتقليل كمية السائل المنوي اللازم لنقلها. كذلك، قد يؤثر العلاج الهرموني المُثبط للهرمونات الذكرية على الخصوبة.
ومع ذلك، توجد بعض الخيارات التي يمكن أن تساعد في الحفاظ على الخصوبة، مثل تجميد الحيوانات المنوية قبل الخضوع للجراحة، أو استخراج الحيوانات المنوية مباشرة من الخصيتين لاستخدامها في التلقيح الصناعي.
ولا توجد أي ضمانات لبقاء الخصوبة بعد علاج سرطان البروستاتا، لذلك يُنصح أي شخص يرغب في الإنجاب بعد العلاج بمناقشة خيارات الحفاظ على الخصوبة مع الطبيب عند وضع خطة العلاج.
اقرأ أيضاً: أسباب حدوث العقم عند الرجال
هل سرطان البروستاتا مرض خطير؟
يُعتبر سرطان البروستاتا من أنواع السرطان التي تكون التوقعات المستقبلية فيها جيدة بشكل عام، خاصةً إذا تم تشخيص المرض في مرحلة مبكرة. وتعتمد فرص البقاء على قيد الحياة على عدة عوامل، منها مرحلة السرطان عند التشخيص، ولا يمكن لأحد تحديد مدة الحياة بدقة. ومع ذلك، توضح المراحل التالية كيف تؤثر درجة انتشار السرطان على التوقعات:
- المرحلة الأولى (Stage 1): في هذه المرحلة، يكون السرطان موجودًا في أقل من نصف جهة واحدة من البروستاتا، ويكون محصورًا بالكامل داخل الغدة. ومعدل البقاء تقريبًا 100% من المرضى يعيشون لمدة 5 سنوات أو أكثر بعد التشخيص.
- المرحلة الثانية (Stage 2): يشير إلى أن السرطان موجود في أكثر من نصف جهة واحدة من البروستاتا، لكنه لا يزال محصورًا داخل الغدة. معدل البقاء تقريبًا 100% من المرضى يعيشون لمدة 5 سنوات أو أكثر بعد التشخيص.
- المرحلة الثالثة (Stage 3): في هذه المرحلة، يكون السرطان قد اخترق الغلاف الخارجي للبروستاتا (الكبسولة)، وقد يكون انتشر إلى الحويصلات المنوية. ومعدل البقاء حوالي 95% من الرجال يعيشون لمدة 5 سنوات أو أكثر بعد التشخيص.
- المرحلة الرابعة (Stage 4): تشير هذه المرحلة إلى أن السرطان قد انتشر إلى أعضاء مجاورة مثل المستقيم أو المثانة، أو انتقل إلى العقد اللمفاوية القريبة، أو انتشر إلى أجزاء بعيدة من الجسم مثل العظام أو الرئتين أو الكبد. ومعدل البقاء حوالي 50% من المرضى يعيشون لمدة 5 سنوات أو أكثر بعد التشخيص.
وعلى الرغم من أن سرطان البروستاتا قد يكون خطيرًا في مراحله المتقدمة، إلا أن فرص الشفاء أو السيطرة عليه تكون عالية جدًا إذا تم اكتشافه مبكرًا. لذلك، من المهم إجراء الفحوصات الدورية، خاصة مع التقدم في العمر أو وجود عوامل خطر، ومناقشة التوقعات المستقبلية مع الطبيب المختص بناءً على الحالة الفردية لكل مريض.
كم نسبة الشفاء من سرطان البروستاتا؟
على الرغم من أن سرطان البروستاتا يُعد من أنواع السرطان الشائعة نسبيًا، إلا أن الأطباء يتمكنون من اكتشاف أغلب الحالات في مراحل مبكرة، مما يُتيح تقديم علاج فعّال.
ووفقًا لجمعية السرطان الأمريكية (ACS)، فإن معدل البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات يصل إلى نحو 100% في حالات سرطان البروستاتا الموضعي أو الإقليمي (أي عندما يكون السرطان محصورًا في البروستاتا أو انتشر إلى المناطق القريبة منها). أما في الحالات التي يكون فيها السرطان قد انتقل إلى مناطق بعيدة في الجسم، فينخفض المعدل إلى 37%. وبشكل عام، يبلغ متوسط معدل البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات لجميع الحالات حوالي 97%.
وأفضل وسيلة لاكتشاف سرطان البروستاتا في مراحله المبكرة هي الفحص الدوري المنتظم، وبحسب عوامل الخطر، قد يُنصح بعض الأشخاص ببدء الفحص من سن الأربعين. وينبغي لأي شخص لم يخضع للفحص بعد أن يستشير طبيبه حول الخيارات المتاحة له.
في النهاية، يمكن القول إن الاكتشاف المبكر لسرطان البروستاتا هو العامل الأهم في رفع نسب الشفاء وتقليل المضاعفات. لذلك، لا تتردد في إجراء الفحص الدوري، خاصة إذا كنت في الفئة العمرية المعرضة للخطر أو لديك تاريخ عائلي مع المرض.
وإذا كنت تبحث عن رعاية طبية دقيقة على يد طبيب متخصص، فإن الدكتور كريم عمر، أستاذ جراحة المسالك البولية وأمراض الذكورة والعقم بكلية الطب، يتمتع بخبرة تزيد عن 20 عامًا في تشخيص وعلاج حالات سرطان البروستاتا باستخدام أحدث التقنيات، مع تقديم رعاية شاملة وفهم دقيق لاحتياجات كل مريض. لا تتردد في حجز موعدك الآن للاطمئنان على صحتك، فالمتابعة المبكرة قد تُحدث فرقًا كبيرًا في حياتك.