تُعد الخصية المعلقة عند الاطفال من المشكلات الشائعة التي قد يلاحظها الأهل بعد الولادة، وهي حالة لا تنزل فيها إحدى الخصيتين أو كلتاهما إلى مكانهما الطبيعي داخل كيس الصفن.
وتظهر هذه الحالة غالبًا عند الأطفال الخدّج أو الذين يعانون من بعض العوامل الوراثية أو الهرمونية، وقد تنزل الخصية تلقائيًا خلال الأشهر الأولى من عمر الطفل، بينما تحتاج في بعض الحالات إلى تدخل طبي أو جراحي.
وفي هذا المقال، سنتحدث عن أسباب الخصية المعلقة عند الاطفال، وكيفية اكتشافها مبكرًا، والعلامات التي تساعدكِ على معرفة ما إذا كان طفلكِ مصابًا بها، مع توضيح أهمية التشخيص والعلاج المبكر لحماية صحة الطفل الإنجابية في المستقبل.
الخصية المعلقة عند الاطفال
الخصية التي لا تنزل إلى مكانها الطبيعي داخل كيس الصفن قبل الولادة تُسمّى الخصية المعلقة عند الاطفال، وغالبًا ما تكون خصية واحدة فقط هي التي لا تنزل إلى كيس الصفن، وهو الكيس الجلدي الذي يتدلّى أسفل القضيب، ولكن في بعض الحالات قد تتأثر الخصيتان معًا.
وتُعد الخصية المعلقة أكثر شيوعًا لدى الأطفال الخدّج (المولودين قبل الأوان) مقارنة بالأطفال المولودين في موعدهم. وفي كثير من الأحيان، تنزل الخصية المعلقة عند الاطفال من تلقاء نفسها خلال الأشهر الأولى بعد الولادة، أما إذا لم يحدث ذلك، فيمكن إجراء عملية جراحية بسيطة لنقل الخصية إلى مكانها الطبيعي داخل كيس الصفن.
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
كيف تعرفين أن طفلك يعاني من الخصية المعلقة؟
العرض الرئيسي للخصية المعلقة عند الاطفال هو عدم ملاحظة أو عدم الإحساس بوجود الخصية داخل كيس الصفن. وتتكوّن الخصيتان في الجزء السفلي من بطن الجنين خلال فترة الحمل.
وخلال الأشهر الأخيرة من الحمل، تبدأ الخصيتان عادة بالنزول من منطقة البطن عبر قناة تُسمّى القناة الأربية (Inguinal Canal) إلى أن تستقرا في كيس الصفن. ولكن في حالة الخصية المعلقة، تتوقف هذه العملية أو تتأخر.
والعلامة الأساسية للخصية المعلقة هي غياب إحدى الخصيتين أو كلتيهما من كيس الصفن. وعادة لا توجد أعراض أخرى مرافقة، فهذه الحالة لا تُسبب ألمًا، كما أنها لا تؤثر على قدرة الطفل على التبول.
متى تزروين الطبيب؟
عادةً ما يتم اكتشاف الخصية المعلقة عند الاطفال أثناء الفحص الطبي بعد الولادة مباشرة. وإذا كان طفلك يعاني من خصية معلقة، فاسألي الطبيب عن عدد المرات التي يجب فيها إجراء الفحص الدوري. وإذا لم تنزل الخصية إلى كيس الصفن بحلول عمر 3 إلى 4 أشهر، فمن المرجح أن الحالة لن تُصحّح من تلقاء نفسها.
ويُساعد علاج الخصية المعلقة في مرحلة الطفولة المبكرة على تقليل خطر الإصابة بالمضاعفات الصحية في المستقبل، مثل سرطان الخصية والعقم (عدم القدرة على الإنجاب)
أما الأولاد الأكبر سنًا، من مرحلة الرضاعة حتى ما قبل البلوغ، فقد تظهر لديهم الخصيتان نازلتين عند الولادة، ولكن يبدو فيما بعد وكأن إحدى الخصيتين قد اختفت. وقد يشير ذلك إلى إحدى الحالتين التاليتين:
- الخصية النطاطة Retractile testicle: وهي خصية تتحرك ذهابًا وإيابًا بين كيس الصفن ومنطقة الفخذ. ويمكن للطبيب أثناء الفحص إرجاعها بسهولة إلى كيس الصفن باليد. وتحدث هذه الحالة بسبب انعكاس عضلي طبيعي في كيس الصفن.
- الخصية الصاعدة Ascending testicle: وهي خصية كانت في موضعها الطبيعي لكنها عادت إلى منطقة الفخذ. ولا يمكن للطبيب تحريكها بسهولة إلى كيس الصفن. ويُنصح بمراجعة طبيب الأطفال أو أحد أفراد الفريق الطبي إذا لاحظتِ أي تغيّرات في الأعضاء التناسلية لطفلك أو كانت لديك أي مخاوف تتعلق بهذه المنطقة.
سبب حدوث الخصية المعلقة عند الاطفال
السبب الدقيق لحدوث الخصية المعلقة عند الاطفال غير معروف بشكل تام، وقد يكون مزيج من العوامل الوراثية وصحة الأم أثناء الحمل وعوامل أخرى هي التي تؤدي إلى اضطراب في الهرمونات والتغيرات الجسدية والنشاط العصبي المسؤول عن تطور الخصيتين ونزولهما إلى مكانهما الطبيعي. وتشمل العوامل التي قد تزيد من خطر إصابة المولود بالخصية المعلقة ما يلي:
- الولادة المبكرة أو انخفاض وزن المولود عند الولادة.
- وجود تاريخ عائلي للإصابة بالخصية المعلقة.
- إصابة الطفل ببعض الحالات الصحية مثل الشلل الدماغي أو مشكلات في جدار البطن.
- إصابة الأم بمرض السكري قبل الحمل أو أثناءه.
- تناول الكحول أثناء الحمل.
- التدخين أو التعرض للتدخين السلبي خلال فترة الحمل.
- التعرض لبعض أنواع المبيدات الحشرية أثناء الحمل.
مخاطر الخصية المعلقة عند الاطفال
تحتاج الخصيتان إلى أن تكون حرارتهما أقل قليلًا من درجة حرارة الجسم الطبيعية حتى تنموا وتعمل بشكل سليم، ويُوفّر كيس الصفن هذا المكان البارد نسبيًا. لذلك، فإن عدم وجود الخصية في مكانها الطبيعي يمكن أن يؤدي إلى عدة مضاعفات، منها:
سرطان الخصية:
الرجال الذين عانوا من خصية معلقة يكونون أكثر عرضة للإصابة بسرطان الخصية. وغالبًا ما يبدأ هذا المرض في الخلايا المسؤولة عن إنتاج الحيوانات المنوية غير الناضجة، ولا يزال السبب وراء تحوّل هذه الخلايا إلى خلايا سرطانية غير واضح تمامًا.
ويكون الخطر أعلى لدى الرجال الذين كانت خصيتهم المعلقة داخل البطن مقارنةً بمن كانت خصيتهم المعلقة في منطقة الفخذ. كما يزداد الخطر أكثر عندما تكون كلتا الخصيتين معلقتين. وقد تُقلّل الجراحة التصحيحية لنزول الخصية من خطر الإصابة بسرطان الخصية، لكنها لا تزيل هذا الخطر تمامًا.
مشاكل الخصوبة:
هي مشكلات تجعل من الصعب على الرجل الإنجاب، وتكون هذه المشكلات أكثر شيوعًا لدى الرجال الذين لديهم خصية معلقة، وقد تزداد سوءًا إذا تُركت الحالة دون علاج لفترة طويلة. كما ترتبط الخصية المعلقة ببعض المشكلات الصحية الأخرى، مثل:
- التواء الخصية (Testicular torsion)
- الإصابة (Trauma)
- الفتق الإربي (Inguinal hernia)
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
علاج الخصبة المعلقة عند الاطفال
يهدف علاج الخصبة المعلقة عند الاطفال إلى نقل الخصية إلى مكانها الطبيعي داخل كيس الصفن. ويُفضَّل أن يتم العلاج قبل بلوغ الطفل عامه الأول، لأن التدخل المبكر قد يُقلل من خطر الإصابة بالمضاعفات الصحية المرتبطة بالخصية المعلقة مثل العقم وسرطان الخصية. وكلما كان العلاج مبكرًا، كانت النتائج أفضل، ولهذا يُوصي الخبراء عادةً بإجراء الجراحة قبل أن يبلغ الطفل 18 شهرًا.
وتتضمن خيارات علاج الخصبة المعلقة عند الاطفال ما يلي:
العملية الجراحية:
في حالة الخصية المعلقة عند الاطفال قد تكون الجراحة ضرورية لتحديد مكان الخصية وعلاج المشكلة. وتوجد نوعان رئيسيان من الجراحة:
1- المنظار (Laparoscopy):
يتم إدخال أنبوب رفيع مزود بكاميرا عبر شق صغير في البطن. وتُستخدم هذه التقنية لتحديد مكان الخصية داخل تجويف البطن. وقد يتمكن الجراح من تصحيح وضع الخصية المعلقة خلال نفس العملية، ولكن في بعض الأحيان قد يحتاج الطفل إلى عملية إضافية لاحقًا. وفي بعض الحالات، قد لا يتمكن المنظار من العثور على الخصية المعلقة، أو قد يُظهر أن الأنسجة تالفة أو ميتة، وفي هذه الحالة يقوم الجراح بإزالة الأنسجة غير السليمة.
2. الجراحة المفتوحة (Open Surgery):
تتضمن هذه الطريقة إجراء شق أكبر في منطقة البطن أو الفخذ للوصول إلى مكان الخصية المعلقة وتحديدها. وغالبًا ما يتم إصلاح الخصية المعلقة عبر الجراحة، حيث يقوم الجراح بنقل الخصية إلى كيس الصفن وتثبيتها في مكانها بالغرز. وتُعرف هذه العملية باسم تثبيت الخصية (Orchiopexy). ويُمكن إجراؤها من خلال شق صغير في الفخذ أو كيس الصفن أو في كليهما.
يعتمد توقيت إجراء العملية على عدة عوامل، من بينها صحة الطفل وصعوبة العملية. وعادةً ما يُوصي الجراح بإجراء العملية عندما يكون عمر الطفل بين 6 إلى 18 شهرًا. ويُعتقد أن العلاج الجراحي المبكر يقلل من خطر حدوث مشكلات صحية مستقبلية. وفي بعض الحالات، قد تكون الخصية تالفة أو تحتوي على أنسجة ميتة، ويجب حينها على الجراح إزالة هذه الأنسجة.
وإذا كان الطفل يعاني أيضًا من فتق إربي (Inguinal hernia)، فيتم إصلاح الفتق خلال العملية نفسها. وبعد الجراحة، يقوم الجراح بمتابعة حالة الخصية للتأكد من أنها تنمو وتعمل بشكل طبيعي وتبقى في مكانها الصحيح. وقد تشمل المتابعة ما يلي:
- فحوصات سريرية منتظمة.
- فحوصات بالموجات فوق الصوتية (سونار) لكيس الصفن.
- اختبارات لقياس مستويات الهرمونات.
العلاج الهرموني:
في هذا النوع من العلاج، يتم إعطاء الطفل حقنًا تحتوي على هرمون موجه الغدد التناسلية المشيمائي البشري (Human Chorionic Gonadotropin)، والذي قد يُساعد في تحفيز الخصية للنزول إلى كيس الصفن، ولكن غالبًا لا يُنصح بالعلاج الهرموني لأنه أقل فعالية بكثير من الجراحة، ونسبة نجاحه محدودة.
علاجات أخرى
إذا لم يكن لدى الطفل خصية واحدة أو كلتا الخصيتين، سواء بسبب غيابهما الخَلقي أو استئصالهما أثناء الجراحة، فهناك خيارات علاجية إضافية يمكن النظر فيها، حيث يمكن التفكير في زراعة خصية صناعية (Testicular prosthesis)، وهي غرسات صناعية تُعطي مظهرًا طبيعيًا لكيس الصفن.
وتُزرع هذه الغرسات جراحيًا داخل كيس الصفن، ويمكن زرعها بعد مرور ستة أشهر على الأقل من الجراحة السابقة أو بعد البلوغ. وإذا لم يكن لدى الطفل خصية طبيعية واحدة على الأقل تعمل بشكل سليم، فقد يُحال إلى طبيب مختص بالغدد الصماء، حيث يمكن للطبيب مع الأسرة مناقشة خيارات العلاج الهرموني المستقبلية اللازمة لتحفيز البلوغ والنضج الجسدي في الوقت المناسب.
هل تنزل الخصية المعلقة من تلقاء نفسها؟
يتم عادةً اكتشاف حالة الخصية المعلقة عند الاطفال أثناء الفحص الطبي بعد الولادة مباشرة، وإذا تبيّن أن طفلك يعاني من هذه الحالة، يُنصح باستشارة الطبيب حول عدد المرات المناسبة لمتابعة الفحص الدوري. وفي حال لم تنزل الخصية إلى كيس الصفن عند بلوغ الطفل عمر 3 إلى 4 أشهر، فمن المرجح أن الحالة لن تتحسن تلقائيًا دون تدخل طبي.