يُعد التهاب الحالب من المشكلات الصحية التي قد تصيب الرجال والنساء على حدّ سواء، إلا أن أعراضه قد تختلف بين الجنسين. وعلى الرغم من أنه يُصنّف ضمن التهابات المسالك البولية، إلا أن إهماله قد يؤدي إلى مضاعفات تؤثر على وظائف الجهاز البولي والتناسلي معًا.
فما هو السبب الرئيسي لحدوث هذا الالتهاب؟ وهل ترتبط الإصابة بعوامل محددة مثل العدوى الجنسية أو استخدام القسطرة؟ وهل تختلف الأعراض بين الرجال والنساء؟ في هذا المقال، نُقدّم لك دليلًا مبسطًا لفهم أسباب الالتهاب الذي يُصيب الحالب، وأعراضه، وطرق التشخيص والعلاج.
ما هو التهاب الحالب؟
هو التهاب وتورم يُصيب الإحليل، وهو الأنبوب الضيق الذي ينقل البول من المثانة إلى خارج الجسم، وهذا الالتهاب يؤدي إلى صعوبة أو ألم أثناء التبول.
ويُعتبر من أنواع عدوى المسالك البولية السفلية، وغالبًا ما يكون ناتجًا عن عدوى بكتيرية منقولة جنسيًا أو عن فيروس. كما يمكن أن يحدث نتيجة مهيجات كيميائية أو إصابة ميكانيكية، مثل استخدام القسطرة البولية.
وقد تنتقل الكائنات المُسببة للالتهاب في الحالب من خلال العلاقة الجنسية غير المحمية، فعلى سبيل المثال، إذا كانت المرأة تعاني من عدوى مهبلية، سواء ظهرت لها أعراض أم لا، فيمكن أن تنقل العدوى إلى الشريك الذكر أثناء العلاقة.
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
ما هي أعراض التهاب الحالب؟
يمكن أن يصيب هذا الالتهاب كلًا من الرجال والنساء، لكن تختلف الأعراض قليلًا بين الجنسين. كما أن بعض الأشخاص قد لا يشعرون بأي أعراض على الإطلاق.
وتتضمن أعراض التهاب الحالب عند النساء ما يلي:
- إفرازات مهبلية غير معتادة
- ألم في منطقة الحوض أو البطن
- ألم أثناء العلاقة الحميمة
- التبول المتكرر أو الشعور الملحّ بالحاجة للتبول
- ارتفاع في درجة الحرارة مع قشعريرة
- حكة في الأعضاء التناسلية
وقد تتضمن أعراض التهاب الحالب عند الرجال ما يلي:
- وجود دم في البول أو السائل المنوي
- ألم أثناء القذف
- خروج إفرازات من العضو الذكري
- إحساس بالحرقان أثناء التبول
- حكة أو ألم أو تورم في العضو الذكري
- تضخم في العقد اللمفاوية بمنطقة الفخذ
- وقد تظهر الحمى لدى الرجال أيضًا، لكنها تُعتبر عارضة نادرة.
اسباب التهاب الحالب
تحدث معظم حالات التهابات الحالب بسبب دخول البكتيريا إلى مجرى البول، ويمكن تصنيف التهاب الحالب البكتيري إلى نوعين رئيسيين:
- التهاب الحالب السيلاني: ويحدث غالبًا بسبب بكتيريا النيسرية السيلانية (Neisseria gonorrhoeae).
- التهاب الحالب غير السيلاني (NGU): وتسببه بكتيريا مثل الكلاميديا (Chlamydia trachomatis) أو الميكوبلازما جينيتاليوم (Mycoplasma genitalium).
وغالبًا ما تحدث العدوى بالسيلان والكلاميديا معًا، وتُعد الكلاميديا واحدة من أكثر الأمراض المنقولة جنسيًا (STIs) شيوعًا بين الرجال والنساء.
أما الأسباب الفيروسية لالتهاب الحالب فتشمل:
- فيروس الهربس البسيط
- فيروس المضخم للخلايا (Cytomegalovirus)
كما يمكن أن يحدث نتيجة عوامل غير معدية، مثل:
- الاحتكاك أو الضغط الناتج عن العلاقة الحميمة أو ارتداء ملابس ضيقة
- الأنشطة البدنية مثل ركوب الخيل أو الدراجة
- الحساسية من بعض المواد الكيميائية الموجودة في الجل المانع للحمل، أو الصابون، أو الكريمات، أو المواد القاتلة للحيوانات المنوية
- الإصابات، مثل تلك الناتجة عن استخدام القسطرة البولية
وتشمل عوامل الخطر التي تزيد من احتمال الإصابة بهذا الالتهاب:
- العمر الصغير، خاصة بين سن 20 إلى 24 عامًا
- ممارسة الجنس غير الآمن (دون استخدام واقٍ)
- وجود شركاء جنسيين متعددين، وعلى الرغم من أن التهاب الحالب لا يُعد دائمًا مرضًا منقولًا جنسيًا، فإن كثرة الشركاء الجنسيين ترفع من خطر التعرض للعدوى.
وتوصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) بإجراء فحوصات للكشف عن السيلان والكلاميديا في حال وجود التهاب مؤكد أو مشتبه به في الحالب، وذلك ليتمكن المريض من إبلاغ الشريك، الذي قد يحتاج أيضًا إلى الفحص والعلاج، كما يساعد ذلك على التزام المريض بالخطة العلاجية.
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
تشخيص التهاب الحالب
يختلف تشخيص هذا الالتهاب بين الذكور والإناث، ففي حالة الرجال يقوم الطبيب عادةً بفحص:
- البطن
- كيس الصفن
- العضو الذكري
- المثانة
للكشف عن وجود تورم أو إفرازات. كما قد يُفحص فتحة مجرى البول مباشرةً لرؤية أي تغيّرات، وهي الفتحة التي يخرج منها البول. قد يأخذ الطبيب عينة من الإفرازات لفحصها تحت المجهر، بالإضافة إلى طلب عينة من البول لتحليلها.
وفي حالة النساء، قد تخضع المرأة لفحص بطن وحوض للكشف عن وجود ألم أو حساسية في منطقة الحالب أو أسفل البطن. كما يتم أخذ عينات من الإفرازات المهبلية والبول للفحص. وإذا أشارت العينات إلى وجود مضاعفات، فقد يطلب الطبيب إجراء فحوصات إضافية، مثل:
- تحاليل الدم، مثل تعداد الدم الكامل (CBC)
- اختبار البروتين المتفاعل C (CRP) للكشف عن وجود التهاب
- تنظير المثانة ويتم فيه إدخال أنبوب مزود بكاميرا لفحص المثانة من الداخل
- تصوير الحوض بالموجات فوق الصوتية (السونار)
كم يستمر التهاب الحالب؟
عند البدء في تناول المضادات الحيوية، يبدأ الالتهاب الناتج عن العدوى في التحسّن بسرعة. وحتى في حال عدم تلقي العلاج، فإن أعراض التهاب الحالب، سواء الناتج عن السيلان أو عن الكلاميديا (التهاب غير سيلاني)، غالبًا ما تختفي خلال ثلاثة أشهر. ولكن من المهم جدًا معرفة أن الشخص المصاب يبقى ناقلًا للعدوى، ويمكن أن ينقل البكتيريا للآخرين حتى وإن لم تظهر عليه أي أعراض.
وإذا لم يتم علاج الالتهاب، فقد تنتقل العدوى من عنق الرحم إلى قناتي فالوب لدى النساء، مما قد يؤدي إلى تكوّن ندبات دائمة وحدوث عقم في بعض الحالات. أما التهاب الحالب الناتج عن إصابة أو تهيج كيميائي، فيختفي من تلقاء نفسه بمجرد تحديد السبب وتجنبه.
علاج التهاب الحالب
يركز علاج التهاب الحالب على معالجة السبب الأساسي ومنع انتشار العدوى للآخرين. ويعتمد العلاج على نوع المسبب. فإذا كان الالتهاب ناتجًا عن عدوى بكتيرية، قد يصف الطبيب مضاد حيوي لالتهاب الحالب مثل:
- دوكسيسيكلين (Doxycycline)
- أزيثروميسين (Azithromycin)
- ميترونيدازول (Metronidazole)
كما قد يوصي الطبيب باستخدام بعض الأدوية المساعدة، مثل:
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs)، مثل نابروكسين، لتخفيف الألم
- فينازوبيريدين (Phenazopyridine)، لتقليل الشعور بالحاجة للتبول وتكرار التبول
وتوصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) باستخدام جرعات علاجية تُعطى في جرعة واحدة، لتشجيع المريض على الالتزام بالعلاج، كما يُفضل إعطاء الجرعة الأولى داخل العيادة وتحت المراقبة الطبية لضمان بدء العلاج بالشكل الصحيح.
هل يختفي التهاب الحالب من تلقاء نفسه؟
قد تتحسن بعض أعراض التهاب الحالب تلقائيًا دون علاج، لكن من المهم جدًا استشارة الطبيب وعدم إهمال الحالة. فإهمال علاج التهاب الحالب، خاصة إذا كان ناتجًا عن عدوى منقولة جنسيًا، قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة ومشاكل صحية طويلة الأمد، مثل تلف الجهاز التناسلي أو العقم.
مضاعفات التهاب الحالب
يمكن أن يؤدي التهاب الحالب غير المعالج إلى مضاعفات صحية خطيرة، تختلف بين الذكور والإناث. وقد تتضمن المضاعفات المحتملة عند الذكور:
- مشاكل في الخصوبة
- تورم في العضو الذكري
- خُراجات حول الإحليل (وهي عدوى في مجرى البول والأنسجة المحيطة به وقد تكون مهددة للحياة)
- تضيّق ما بعد الالتهاب في الإحليل نتيجة الالتهاب وتكوّن ندبات
- التهاب الأوعية اللمفاوية في العضو الذكري (Penile lymphangitis)
- التهاب البربخ (Epididymitis)
- التهاب المستقيم (Proctitis)
- التهاب المفاصل التفاعلي (Reactive arthritis)
وقد تتضمن المضاعفات المحتملة عند الإناث زيادة خطر الإصابة بالتهاب الحوض (PID)، والذي يمكن أن يؤدي إلى العقم ومشاكل صحية أخرى .وفي حال كان التهاب الحالب ناتجًا عن عدوى بالكلاميديا، فقد تشمل المضاعفات:
- الحمل خارج الرحم
- التهاب المستقيم (Proctitis)
- متلازمة فيتز-هيو-كورتيس (Fitz-Hugh-Curtis syndrome)، وهي التهاب في الغشاء الذي يغلف الكبد
- داء الورم الحبيبي اللمفاوي التناسلي (Lymphogranuloma venereum)، وهو تضخم في العقد اللمفاوية في منطقة الأعضاء التناسلية، مما يسبب تقرحات أو انتفاخات
- تضيّق في الإحليل أو المهبل
- النواسير (قنوات غير طبيعية بين الأعضاء)
- التهاب المفاصل التفاعلي (Reactive arthritis)
كما أن الإصابة بالتهاب الحالب خلال الحمل قد تؤدي إلى مضاعفات للأم والجنين، فقد يُصاب المولود بمشاكل في العينين أو الالتهاب الرئوي
مشاكل الجهاز البولي، بما في ذلك التهاب الحالب، قد تبدو بسيطة في بدايتها، لكنها قد تتطور إلى مضاعفات خطيرة إذا أُهملت أو تم التعامل معها بشكل غير دقيق. ولذلك، لا ينبغي تجاهل أي أعراض غير طبيعية مثل الألم أثناء التبول أو الإفرازات أو الشعور المستمر بعدم الراحة.
لضمان التشخيص الصحيح والحصول على خطة علاجية فعّالة، ننصحك بزيارة طبيب متخصص يتمتع بالخبرة والكفاءة في هذا المجال. ونرشّح لك الدكتور كريم عمر، أستاذ واستشاري أمراض الذكورة والمسالك البولية والعقم بكلية الطب، جامعة عين شمس، لما له من خبرة طويلة ونتائج موثوقة في علاج التهابات الجهاز البولي وتشخيصها بدقة. لا تتردد في حجز موعد الآن واطمئن على صحتك مع طبيب تثق بعلمه وخبرته.