يُعد استئصال البروستاتا من العمليات الجراحية المهمة التي يلجأ إليها الأطباء لعلاج أمراض مختلفة مثل تضخم البروستاتا الحميد أو سرطان البروستاتا في مراحله المبكرة. وعلى الرغم من أن الفكرة قد تبدو مقلقة للبعض، فإن فهم تفاصيل العملية وخطواتها وأنواعها يساعد المريض على اتخاذ القرار بثقة أكبر والتعامل مع الأمر بهدوء ووعي. وفي هذا المقال سنقدّم لكم دليلاً طبيًا مفصلًا يوضح متى يُنصح بالاستئصال، ما أنواعه، كيف تتم العملية، وما يمكن توقعه بعد الجراحة، لتكونوا على دراية شاملة بكل التفاصيل الطبية الهامة، فاحرصوا على المتابعة.
متى يتم استئصال البروستاتا؟
تُستخدم جراحة البروستاتا لعلاج الأمراض التي تصيب غدة البروستاتا، بما في ذلك سرطان البروستاتا وحالات أخرى غير سرطانية. وتوجد أنواع مختلفة من الجراحة حسب الحالة المحددة.
والبروستاتا هي غدة صغيرة على شكل حبة الجوز، تحيط بالإحليل عند عنق المثانة لدى الرجال، وتلعب دورًا حيويًا في الجهاز التناسلي الذكري من خلال إنتاج السوائل التي تحمل الحيوانات المنوية. ويُعد سرطان البروستاتا ثاني أكثر أنواع السرطان شيوعًا لدى الرجال في جميع أنحاء العالم، وتزداد خطورة الإصابة به مع التقدّم في العمر.
وأكثر الأسباب شيوعًا لإجراء استئصال البروستاتا هي:
- علاج سرطان البروستاتا: يحدث عندما تنمو خلايا غدة البروستاتا بشكل غير طبيعي وخارج عن السيطرة.
- علاج تضخم البروستاتا الحميد (BPH): وهو تضخّم غير سرطاني للبروستاتا.
- تقليل الأعراض: في بعض الحالات، يمكن أن تساعد جراحة البروستاتا على تخفيف الأعراض مثل صعوبة التبول، حتى وإن لم تُعالج السرطان نفسه.
في جميع الحالات، تهدف جراحة البروستاتا إلى:
- علاج الحالة المرضية.
- الحفاظ على التحكم في المثانة.
- الحفاظ على القدرة على الانتصاب.
- تقليل الآثار الجانبية.
- تقليل الألم قبل وأثناء وبعد الجراحة.
ويعتمد الهدف من جراحة البروستاتا على حالة المريض الفردية. فعلى سبيل المثال الهدف من الجراحة لعلاج سرطان البروستاتا هو إزالة النسيج السرطاني، بينما الهدف من الجراحة لعلاج تضخم البروستاتا الحميد هو استعادة التدفق الطبيعي للبول. ويمكن إجراء جميع أنواع جراحة البروستاتا إما باستخدام التخدير العام، الذي يُدخل المريض في نوم كامل، أو التخدير النخاعي، الذي يخدّر النصف السفلي من الجسم. وسيقوم الطبيب باختيار نوع التخدير الأنسب بناءً على حالة المريض.
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
أنواع استئصال البروستاتا
تتضمن أشهر أنواع عملية استئصال البروستاتا ما يلي:
الاستئصال الجذري المفتوح للبروستاتا (Open Radical Prostatectomy):
الاستئصال المفتوح للبروستاتا هو الجراحة التقليدية (الجراحة المفتوحة)، ويمكن إجراؤه لعلاج السرطان أو الحالات غير السرطانية، ويقوم الجرّاح بعمل شق في الجلد لإزالة غدة البروستاتا بالكامل والأنسجة القريبة منها. وفي حالات السرطان، غالبًا ما يكون الخيار الجراحي هو الاستئصال الجذري المفتوح للبروستاتا.
يوجد نوعان رئيسيان من هذا الإجراء:
1- الاستئصال الجذري خلف العانة للبروستاتا (Radical Retropubic Prostatectomy):
هذا هو النوع الأكثر شيوعًا من الجراحة لإزالة البروستاتا السرطانية، ويقوم طبيب مختص في أمراض الجهاز البولي بعمل شق في البطن للوصول إلى البروستاتا. وغالبًا ما تتم إزالة بعض الأنسجة المحيطة، بما في ذلك العقد الليمفاوية، لفحصها وتحديد مرحلة السرطان وانتشاره. وقد يقوم الجراح بوقف العملية إذا اكتشف أن السرطان قد انتشر، لأن الحالة قد تتطلب علاجًا إضافيًا بخلاف الجراحة وحدها. ومع ذلك، أصبح من النادر اكتشاف ذلك أثناء الجراحة، حيث إن التصوير والفحوصات قبل العملية تحدد عادةً مدى انتشار السرطان.
2- الاستئصال الجذري العجاني للبروستاتا (Radical Perineal Prostatectomy)
يُجرى هذا النوع من الجراحة بشكل أقل شيوعًا مقارنة بالاستئصال خلف العانة لعلاج سرطان البروستاتا. ويُعد خيارًا مناسبًا إذا لم تكن هناك حاجة لإزالة العقد الليمفاوية، إذ لا يمكن الوصول إليها عبر هذا الشق. وفي هذا الإجراء، تتم إزالة غدة البروستاتا بالكامل من خلال شق يقع بين فتحة الشرج وكيس الصفن.
وغالبًا ما يُستخدم هذا النوع من الجراحة عندما تكون هناك ظروف صحية أخرى تجعل الاستئصال خلف العانة أكثر تعقيدًا. وتستغرق هذه الجراحة وقتًا أقل من الاستئصال خلف العانة. ومع ذلك، وعلى الرغم من محاولة الحفاظ على الأعصاب التي تتحكم في الانتصاب، إلا أن خطر تلف أعصاب القضيب يكون أعلى.
ويمكن أن تتضمن المخاطر المرتبطة بهذه الأنواع ما يلي:
- ضعف الانتصاب (ED): ويُعرف أيضًا بالعجز الجنسي، أي عدم القدرة على تحقيق أو الحفاظ على الانتصاب.
- العقم: يؤدي الاستئصال الجذري للبروستاتا إلى قطع الاتصال بين الإحليل والخصيتين، مما قد يمنع إنتاج الحيوانات المنوية للإنجاب. ومع ذلك، يمكن أن يستمر حدوث النشوة الجنسية، لكنها ستكون نشوة “جافة” من دون قذف.
- سلس البول: أي التنقيط أو التسرب غير المتحكم فيه للبول، والذي غالبًا ما يتحسن مع الوقت.
- الوذمة اللمفاوية: على الرغم من ندرتها، فإن إزالة العقد الليمفاوية قد تؤدي إلى تورم أو التهاب أو ألم في الأنسجة الرخوة بالساقين أو المنطقة التناسلية.
- تغيّر حجم القضيب: أظهرت الدراسات أن بعض الرجال قد يلاحظون انخفاضًا في حجم القضيب بعد الاستئصال الجذري للبروستاتا. ويزداد احتمال ذلك كلما كان العمر أكبر عند إجراء العملية.
ويمكن إجراء كلا النوعين من الجراحة باستخدام التخدير العام والذي يُدخل المريض في نوم كامل أو التخدير النخاعي أو فوق الجافية والذي يقوم بتخدّير النصف السفلي من الجسم.
وقد تشمل مخاطر التخدير:
- تفاعلات دوائية.
- العدوى.
- النزيف.
- صعوبة التنفس.
استئصال البروستاتا بالمنظار (Laparoscopic Prostatectomy):
تُعد جراحة المنظار أسلوب طفيف التوغل لاستئصال البروستاتا. ويوجد نوعان رئيسيان من هذا الإجراء:
1- الاستئصال الجذري للبروستاتا بالمنظار (Laparoscopic Radical Prostatectomy:
تتطلب هذه الجراحة 3 إلى 4 شقوق صغيرة في البطن، ويقوم الجرّاح بإدخال أدوات جراحية صغيرة يدويًا، بما في ذلك أنبوب رفيع مزوّد بكاميرا، لمساعدته على الرؤية داخل المنطقة أثناء العملية.
2- الاستئصال الجذري للبروستاتا بمساعدة الروبوت (Robotic-Assisted Laparoscopic Radical Prostatectomy):
في بعض العمليات، يُستخدم نظام آلي، ويجلس الجرّاح في غرفة العمليات ويوجّه ذراعًا آليًا بينما يشاهد شاشة كمبيوتر. وقد يوفّر الذراع الآلي مرونة ودقة أكبر مقارنة بالإجراءات اليدوية. وليس جميع الأطباء أو المستشفيات لديهم القدرة على إجراء هذا النوع من الجراحة بمساعدة الروبوت.
الفرق بين أنواع استئصال البروستاتا
أظهرت الدراسات أن النتائج بين الاستئصال الجذري المفتوح للبروستاتا (ORP)، والاستئصال بالمنظار (LRP)، والاستئصال بالمنظار بمساعدة الروبوت (RALRP) لا تختلف بشكل كبير. ومع ذلك، يرتبط كل من LRP وRALRP بالمزايا التالية:
- فقدان دم أقل.
- ألم أقل.
- فترة إقامة أقصر في المستشفى.
- وقت تعافٍ أسرع.
كما أبلغ الأشخاص الذين خضعوا لـ RALRP عن تعافٍ أسرع في التحكم بالبول (السيطرة على المثانة والأمعاء) وفترة إقامة أقصر في المستشفى مقارنةً بـ LRP. ومع ذلك، فإن النتائج النهائية تعتمد على خبرة ومهارة الجرّاح.
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
ما بعد استئصال البروستاتا
قبل أن تستيقظ من الجراحة، سيضع الجرّاح قسطرة بولية في القضيب لمساعدتك على تفريغ المثانة، ويجب أن تبقى القسطرة لمدة من أسبوع إلى أسبوعين. وقد تحتاج إلى البقاء في المستشفى لبضعة أيام، ولكن غالبًا يمكنك العودة إلى المنزل بعد 24 ساعة. سيعطيك الطبيب أو الممرض تعليمات حول كيفية التعامل مع القسطرة والعناية بمكان الجراحة.
وسيقوم الطبيب بإزالة القسطرة عندما تكون مستعدًا لذلك، وعندها يمكنك التبول بشكل طبيعي. وبغض النظر عن نوع الجراحة التي أجريتها، فإن مكان الشق سيكون مؤلمًا لبضعة أيام. وقد تعاني أيضًا من الأعراض التالية:
- دم في البول.
- تهيّج بولي.
- صعوبة في التحكم في البول.
- التهابات في المسالك البولية.
ومن المتوقع ظهور هذه الأعراض لبضعة أيام إلى بضعة أسابيع بعد العملية، وسيعتمد وقت التعافي على نوع وطول الجراحة، وصحتك العامة، ومدى التزامك بتعليمات الطبيب. وقد يُنصح بتقليل مستوى النشاط، بما في ذلك النشاط الجنسي.
تعليمات ما بعد استئصال البروستاتا:
بعد الجراحة امنح نفسك الوقت الكافي للراحة، فقد تشعر بمزيد من التعب بعد العملية، ويعتمد وقت التعافي على نوع وطول الجراحة، وصحتك العامة، ومدى التزامك بتعليمات الطبيب. وقد تشمل التعليمات:
- الحفاظ على نظافة جرح العملية.
- عدم القيادة لمدة أسبوع إلى أسبوعين بعد الجراحة.
- تجنّب الأنشطة المجهدة لمدة ثمانية أسابيع.
- عدم صعود السلالم إلا عند الضرورة.
- تجنّب الاستحمام في البانيو أو السباحة أو الجلوس في أحواض الماء الساخن.
- تناول الأدوية الموصوفة لتخفيف الألم.
وعلى الرغم من أنك ستتمكن من القيام بكل شيء بنفسك، إلا أن وجود شخص يساعدك خلال فترة وجود القسطرة قد يكون فكرة جيدة. ومن الضروري أيضًا أن تتمكن من الإخراج (التبرز) خلال يوم أو يومين بعد الجراحة. وللمساعدة في علاج الإمساك:
- اشرب السوائل.
- أضف الألياف إلى نظامك الغذائي.
- قلل من ممارسة الرياضة.
ويمكنك أيضًا سؤال طبيبك عن الملينات إذا لم تنجح هذه الخيارات. وإذا بدأ كيس الصفن في التورم بعد الجراحة، يمكنك صنع دعامة باستخدام منشفة ملفوفة لتقليل التورم. وضع المنشفة الملفوفة تحت كيس الصفن أثناء الاستلقاء أو الجلوس، ومرّر طرفيها فوق ساقيك لتوفير الدعم. اتصل بطبيبك إذا لم يخف التورم بعد أسبوع.
نسبة نجاح استئصال البروستاتا
يتمتع الرجال الذين يخضعون لعملية الاستئصال الجذري للبروستاتا لعلاج سرطان البروستاتا في مراحله المبكرة بنتائج ممتازة. وتعتمد نسبة النجاح عادةً على مرحلة السرطان وقت التشخيص. ومدة الشفاء بعد استئصال البروستاتا قد تبلغ حوالي 6 إلى 8 أسابيع.
هل عملية استئصال البروستاتا خطيرة؟
جميع العمليات الجراحية تحمل بعض المخاطر، ومنها:
- التفاعل مع التخدير.
- النزيف.
- العدوى في مكان الجراحة.
- تلف الأعضاء.
- الجلطات الدموية.
وتشمل علامات العدوى: الحمى، القشعريرة، التورم، أو إفرازات من مكان الشق. يجب الاتصال بالطبيب إذا انسد البول أو إذا أصبح الدم في البول كثيفًا أو يزداد سوءًا. أما الآثار الجانبية الخاصة بجراحة البروستاتا قد تتضمن:
- المشكلات البولية: قد تشمل الألم، صعوبة التبول، أو مشكلات في التحكم بالبول، وعادةً تختفي هذه المشكلات بعد عدة أشهر من الجراحة. ونادرًا ما يستمر سلس البول أو فقدان السيطرة على البول بشكل دائم.
- الضعف الجنسي: قد تحدث تغيّرات في النشوة الجنسية وفقدان الخصوبة، وذلك لأن الطبيب يزيل الغدد المسؤولة عن إنتاج السائل المنوي أثناء العملية. وستظل قادرًا على الوصول إلى النشوة الجنسية، لكنها ستكون نشوة جافة، أي من دون قذف. وهذا يعني أيضًا أنك لن تتمكن من إنتاج حيوانات منوية. إذا كان هذا الأمر يثير قلقك، تحدث مع طبيبك.
هل استئصال البروستاتا يمنع الانتصاب؟
من الشائع عدم حدوث انتصاب خلال 8 إلى 12 أسبوعًا بعد الجراحة، وحوالي 85% من الرجال يعانون من ضعف الانتصاب بعد استئصال البروستاتا. وتزداد احتمالية حدوث ضعف الانتصاب طويل الأمد إذا تضررت الأعصاب. ويمكن للجراح الذي يستخدم تقنية الحفاظ على الأعصاب (Nerve-sparing) أن يقلل من هذا الأثر الجانبي. ويُعد إعادة تأهيل القضيب جزءًا من عملية التعافي، ومع ذلك، فإن إجراء الحفاظ على الأعصاب قد يحمل خطرًا يتمثل في عدم إزالة السرطان بالكامل من حواف البروستاتا.
استئصال البروستاتا خطوة كبيرة في طريق علاج أمراض غدة البروستاتا، وقد يكون التحول نحو حياة صحية أفضل، ومع الحرص على متابعة طبية دقيقة، يمكنك تجاوز مرحلة التعافي بأمان وفعالية.
وإذا كنت تبحث عن طبيب متخصص وصاحب خبرة للكشف عن أي مشاكل متعلقة بالبروستاتا فالدكتور كريم عمر من أفل الخيارات، فهو أستاذ أمراض الذكورة والمسالك البولية بجامعة عين شمس، وأحد أبرز جراحي الذكورة والعقم في الشرق الأوسط ، كما يتميز بخبرة تمتد لأكثر من 20 عامًا في تشخيص وعلاج هذه الحالات، كما يقدّم معلومات توعوية طبية للتواصل المباشر مع الرجال حول قضايا لا تُناقش غالبًا.
لذلك، إذا وجدت نفسك بحاجة إلى استئصال البروستاتا أو ترغب في تقييم شامل ومخصص لحالتك، لا تتردد في حجز موعد مع الدكتور كريم عمر. خبرته وتفانيه يجعلانه الاختيار الأمثل لدعمك في هذه الرحلة العلاجية.