التهاب المثانة الخلالي من الحالات المزمنة التي قد تسبب انزعاجًا كبيرًا للمريض، حيث يظهر على شكل آلام في المثانة والحوض مع تكرار الحاجة إلى التبول بشكل ملحوظ. هذه الحالة لا ترتبط بعدوى بكتيرية كما هو الحال في التهابات المسالك البولية المعتادة، مما يجعل تشخيصها وعلاجها أكثر تعقيدًا. في هذا المقال سنستعرض معًا أهم أسباب الإصابة بهذه المشكلة ومدى خطورتها، وأكثر من 6 طرق فعّالة للتعامل معها ومعلومات أخرى هامة يجب معرفتها، فاحرصوا على المتابعة.
ما هو التهاب المثانة الخلالي؟
التهاب المثانة الخلالي هو حالة مزمنة تسبب ضغطًا في المثانة، وألمًا في المثانة، وأحيانًا ألمًا في منطقة الحوض. ويتراوح الألم بين انزعاج خفيف وألم شديد. وتُعد هذه الحالة جزءًا من مجموعة أمراض تُعرف بمتلازمة المثانة المؤلمة.
والمثانة هي عضو عضلي أجوف يخزن البول. تتمدد المثانة حتى تمتلئ ثم تُرسل إشارة إلى الدماغ بضرورة التبول، وذلك عبر الأعصاب الحوضية، مما يخلق الرغبة في التبول لدى معظم الأشخاص. وفي حالة التهاب المثانة الخلالي، تصبح هذه الإشارات مشوشة، حيث يشعر المصاب بحاجة متكررة للتبول مع كميات صغيرة من البول مقارنةً بالأشخاص الآخرين.
وغالبًا ما يؤثر التهاب المثانة الخلالي على النساء، ويمكن أن يكون له تأثير طويل الأمد. وعلى الرغم من عدم وجود علاج نهائي له، فإن الأدوية والعلاجات الأخرى قد تساعد في التخفيف من الأعراض.
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
ما أعراض التهاب المثانة الخلالي؟
تختلف علامات وأعراض التهاب المثانة الخلالي من شخص لآخر، وإذا كنت مصابًا به، فقد تتغير الأعراض لديك بمرور الوقت، وتزداد حدة على بشكل دوري نتجة التعرض لمحفزات شائعة مثل: الحيض، الجلوس لفترات طويلة، التوتر، ممارسة الرياضة، والنشاط الجنسي.
تشمل علامات وأعراض التهاب المثانة الخلالي:
- ألم في الحوض أو بين المهبل والشرج عند النساء.
- ألم بين كيس الصفن والشرج عند الرجال.
- ألم حوض مزمن.
- حاجة ملحة ومستمرة للتبول.
- كثرة التبول، غالبًا بكميات صغيرة، طوال النهار والليل (قد تصل إلى 60 مرة في اليوم).
- ألم أو انزعاج أثناء امتلاء المثانة يزول بعد التبول.
- ألم أثناء الجماع.
وكما ذكرنا تختلف شدة الأعراض من شخص لآخر، وقد يمر بعض الأشخاص بفترات تخلو من الأعراض. ووعلى الرغم من أن علامات وأعراض التهاب المثانة الخلالي قد تشبه أعراض عدوى المسالك البولية المزمنة، إلا أنه لا توجد عدوى في العادة. ومع ذلك، قد تزداد الأعراض سوءًا إذا أصيب المريض بعدوى في المسالك البولية.
أسباب التهاب المثانة الخلالي
السبب الدقيق لالتهاب المثانة الخلالي غير معروف، لكن من المرجح أن العديد من العوامل تساهم في حدوثه. فعلى سبيل المثال، قد يعاني الأشخاص المصابون بالتهاب المثانة الخلالي من خلل في البطانة الواقية (الظهارة) للمثانة. وقد يسمح تسرب في هذه البطانة للمواد السامة الموجودة في البول بتهييج جدار المثانة. وتشمل العوامل الأخرى المحتملة رد فعل مناعي ذاتي، أو عوامل وراثية، أو عدوى، أو حساسية.
كما ترتبط بعض العوامل بزيادة خطر الإصابة بالتهاب المثانة الخلالي كالتالي:
- يتم تشخيص النساء بالتهاب المثانة الخلالي أكثر من الرجال، وقد تشبه الأعراض لدى الرجال أعراض التهاب المثانة الخلالي، لكنها غالبًا ما ترتبط بالتهاب البروستاتا.
- معظم المصابين بالتهاب المثانة الخلالي يتم تشخيصهم في عمر الثلاثين أو أكبر.
- الإصابة باضطرابات الألم المزمن، فقد يرتبط التهاب المثانة الخلالي باضطرابات الألم المزمن الأخرى مثل متلازمة القولون العصبي أو الفيبروميالغيا.
هل التهاب المثانة الخلالي خطير؟
يمكن أن يؤدي التهاب المثانة الخلالي إلى عدد من المضاعفات، بما في ذلك:
- انخفاض سعة المثانة: قد يسبب تصلب جدار المثانة، مما يقلل من قدرتها على تخزين البول.
- تراجع جودة الحياة: قد تتداخل كثرة التبول والألم مع الأنشطة الاجتماعية والعمل والأنشطة اليومية الأخرى.
- مشكلات في العلاقة الحميمة الجنسية: قد تؤدي كثرة التبول والألم إلى توتر في العلاقات الشخصية وتراجع في القدرة على ممارسة العلاقة الحميمة.
- اضطرابات نفسية: قد يسبب الألم المزمن واضطرابات النوم الناتجة عن التهاب المثانة الخلالي ضغطًا نفسيًا ويؤدي إلى الاكتئاب.
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
علاج التهاب المثانة الخلالي
لا يوجد علاج واحد بسيط يقضي على علامات وأعراض التهاب المثانة الخلالي، كما أن علاجًا واحدًا لا يناسب جميع المرضى. وقد تحتاج إلى تجربة عدة علاجات أو مزيج من العلاجات قبل الوصول إلى الطريقة التي تخفف من الأعراض. ويمكن أن تشمل طرق العلاج:
1- العلاج الطبيعي:
العمل مع اختصاصي علاج طبيعي قد يساعد في تخفيف ألم الحوض المرتبط بحساسية العضلات، أو الأنسجة الضامة المتصلبة، أو مشكلات في عضلات قاع الحوض.
2- الأدوية:
بعض الأدوية التي تُؤخذ عن طريق الفم قد تحسن علامات وأعراض التهاب المثانة الخلالي، وتشمل:
- الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية مثل: إيبوبروفين أو نابروكسين صوديوم لتخفيف الألم.
- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات مثل: أميتريبتيلين أو إيميبرامين للمساعدة في إرخاء المثانة وتقليل الألم.
- مضادات الهيستامين مثل: لوراتادين التي قد تقلل من الإلحاح والتكرار البولي وتخفف من الأعراض الأخرى.
3- تحفيز الأعصاب:
تشمل تقنيات تحفيز الأعصاب:
- التحفيز الكهربائي للعصب عبر الجلد (TENS): حيث تساعد النبضات الكهربائية الخفيفة في تخفيف ألم الحوض، وأحيانًا تقليل التكرار البولي. وقد يزيد TENS من تدفق الدم إلى المثانة ويقوي العضلات التي تتحكم فيها أو يحفّز إفراز مواد تقلل الألم.
- تحفيز العصب العجزي: إذ تُعد الأعصاب العجزية رابطًا أساسيًا بين الحبل الشوكي وأعصاب المثانة، ويساعد تحفيز هذه الأعصاب على تقليل الإلحاح البولي. في هذه التقنية، يُزرع سلك رفيع بالقرب من الأعصاب العجزية ليرسل نبضات كهربائية إلى المثانة، شبيهًا بما يفعله جهاز تنظيم ضربات القلب للقلب. وإذا نجح الإجراء في تقليل الأعراض، قد يُزرع جهاز دائم جراحيًا. لا يخفف هذا الإجراء الألم، لكنه قد يقلل من أعراض التكرار والإلحاح البولي.
4- تمدد المثانة:
قد يلاحظ بعض المرضى تحسنًا مؤقتًا في الأعراض بعد تنظير المثانة مع تمددها بالماء. وإذا حدث تحسن طويل الأمد، يمكن تكرار الإجراء. أحيانًا يتم حقن البوتوكس في جدار المثانة أثناء التمدد، لكن هذا العلاج قد يؤدي إلى صعوبة في تفريغ المثانة بالكامل، ما يستلزم إدخال قسطرة ذاتيًا لتصريف البول.
5- الأدوية داخل المثانة:
في هذا الإجراء، يضع الطبيب الدواء الموصوف في المثانة عبر أنبوب رفيع ومرن (قسطرة) يدخل من خلال الإحليل. وقد يُمزج المحلول مع أدوية أخرى مثل مخدر موضعي، ويُترك في المثانة نحو 15 دقيقة، ثم يُطرح عند التبول. وقد يتم إهطاء العلاج الموصوف أسبوعيًا لمدة 6 إلى 8 أسابيع، ثم علاجات صيانة حسب الحاجة، مثل مرة كل عدة أسابيع، وحتى سنة.
6- الجراحة:
نادراً ما تُستخدم الجراحة لعلاج التهاب المثانة الخلالي، لأن إزالة المثانة لا تخفف الألم وقد تؤدي إلى مضاعفات أخرى. وقد يُنظر في الجراحة للمرضى الذين يعانون من ألم شديد أو مثانة لا تستطيع الاحتفاظ إلا بكميات صغيرة جدًا من البول، وغالبًا بعد فشل جميع العلاجات الأخرى وتأثير الأعراض على جودة الحياة. وتشمل الخيارات الجراحية:
- إجراء Fulguration: إجراء يتم فيه إدخال أدوات عبر الإحليل لحرق القرح الموجودة في المثانة.
- الاستئصال Resection: إجراء آخر يُستخدم فيه إدخال أدوات عبر الإحليل لقطع القرح.
- توسيع المثانة Bladder Augmentation: حيث يقوم الجرّاح بزيادة سعة المثانة عبر وضع رقعة من الأمعاء عليها. ويُجرى هذا فقط في حالات نادرة جدًا، ولا يقضي على الألم. كما قد يحتاج بعض الأشخاص إلى تفريغ مثانتهم بالقسطرة عدة مرات يوميًا بعد العملية.
نصائح أخرى لتخفيف أعراض التهاب المثانة الخلالي:
يمكن أن يجد بعض المصابين بالتهاب المثانة الخلالي تخفيفًا للأعراض من خلال الطرق التالية:
- تقليل أو إزالة الأطعمة التي تهيج المثانة من النظامك الغذائي مما يساعد في تخفيف الانزعاج الناتج عن هذا الالتهاب. وتشمل المهيجات الشائعة للمثانة المشروبات الغازية، الكافيين بجميع أشكاله، المنتجات الحمضية والأطعمة التي تحتوي على تركيزات عالية من فيتامين C.
- تدريب المثانة التبول وفق جدول زمني محدد، أي الذهاب إلى المرحاض حسب الوقت وليس عند الحاجة الملحة فقط. حيث تبدأ بالتبول على فترات منتظمة، مثل كل نصف ساعة سواء احتجت أم لا. ثم تُطيل تدريجيًا المدة بين مرات التبول.
- ارتداء ملابس فضفاضة وتجنّب الأحزمة أو الملابس التي تضغط على بطنك.
- تقليل التوتر عن طريق أساليب مثل التخيل أو الارتجاع البيولوجي (Biofeedback).
- الإقلاع عن التدخين، حيثقد يزيد التدخين من تفاقم أي حالة مؤلمة، كما أنه يساهم في سرطان المثانة.
- ممارسة الرياضة، فقد تساعد تمارين التمدد البسيطة على تقليل أعراض التهاب المثانة الخلالي.
هل يمكن لفحص البول اكتشاف التهاب المثانة الخلالي؟
لا توجد اختبارات محددة لتشخيص التهاب المثانة الخلالي ومع ذلك، قد يطلب الطبيب تحليل البول لاستبعاد عدوى أو حالات أخرى. وخلال التحليل ستقوم بتقديم عينة بول، وسيتم فحصها تحت المجهر للبحث عن الدم في البول (بيلة دموية) وعلامات العدوى مثل الكائنات الدقيقة أو الجراثيم أو الصديد أو خلايا الدم البيضاء. وسيصف لك الطبيب مضادات حيوية لعلاج العدوى. وقد يتم تشخيص التهاب المثانة الخلالي إذا كان البول معقمًا بعد العلاج، لكن الأعراض ما زالت موجودة.
هل يمكن الشفاء من التهاب المثانة الخلالي؟
بالنسبة لبعض الأشخاص، قد يظهر التهاب المثانة الخلالي ويختفي على فترات، لكن قد تحتاج إلى علاج طويل الأمد للسيطرة عليه. وفي بعض الحالات، يمكن أن يختفي تمامًا مع العلاج أو مع تغييرات نمط الحياة.
التهاب المثانة الخلالي قد يبدو مزمنًا وصعبًا، لكن التعامل المبكر معه يساهم بشكل كبير في تقليل الأعراض، فالتشخيص الدقيق ووضع خطة علاجية متكاملة هما الخطوة الأهم نحو السيطرة على هذه الحالة، لذلك، إذا كنت تعاني من أعراض مشابهة، ننصحك بحجز موعد مع الدكتور كريم عمر، أستاذ أمراض الذكورة والمسالك البولية بجامعة عين شمس، وصاحب خبرة تتجاوز 15 عامًا في تشخيص وعلاج مشكلات المثانة والمسالك البولية المعقدة. بفضل خبرته واعتماده على أحدث أساليب التشخيص والعلاج، سيكون قادرًا على تحديد السبب بدقة ووضع خطة علاجية تناسب حالتك.