ضعف حركة الحيوان المنوي من أكثر الأسباب شيوعًا وراء تأخر الإنجاب عند الرجال، لكنه في كثير من الأحيان يتم اكتشافه بالصدفة أثناء فحوصات الخصوبة. وقد يبدو الأمر بسيطًا، لكن قدرة الحيوان المنوي على السباحة بفعالية والوصول إلى البويضة هي خطوة أساسية لحدوث الحمل.
فما الأسباب التي تؤدي إلى ضعف هذه الحركة؟ وهل يُمكن رغم ذلك تحقيق حلم الأبوة؟ في هذا المقال، نُسلّط الضوء على كل ما تحتاج معرفته من الأسباب والعوامل المؤثرة إلى طرق التشخيص والعلاج، وأخيرًا فرص الحمل رغم ضعف الحركة، فاحرص على المتابعة.
ما المقصود بحركة الحيوان المنوي؟
حركة الحيوان المنوي تُشير إلى كفاءته في السباحة داخل السائل المنوي. وتُعد هذه الحركة عاملاً أساسيًا في خصوبة الرجل، لأن الحيوانات المنوية تحتاج إلى الحركة الفعالة حتى تتمكن من الوصول إلى البويضة وتخصيبها. ووجود أي خلل في هذه الحركة، مثل بطء السباحة أو انعدامها، قد يؤثر سلبًا على القدرة الإنجابية.
وصحة الحيوان المنوي يتم قياسها من خلال عدة معايير رئيسية، من أبرزها:
- الحجم (العدد)
- الحركة (القدرة على السباحة)
- الشكل السليم
- القدرة على اختراق مخاط عنق الرحم والوصول للبويضة
- القدرة على القيام بتفاعل الأكروسوم (الذي يسمح باختراق البويضة)
- الارتباط بالقشرة الخارجية للبويضة (Zona Pellucida)
- تفكك النواة بعد التخصيب (Nuclear Decondensation)
كما يجب أن تحتوي الحيوانات المنوية على عدد سليم من الكروموسومات لضمان حدوث حمل ناجح. وأي خلل في واحدة أو أكثر من هذه الوظائف قد يؤدي إلى مشاكل في الخصوبة لدى الرجل.
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
ما هو ضعف حركة الحيوان المنوي؟
هناك نوعان رئيسيان من حركة الحيوان المنوي:
- الحركة التقدمية (Progressive Motility): وهي عندما يسبح الحيوان المنوي في خط مستقيم أو على هيئة دوائر واسعة، وهي الحركة المطلوبة ليصل إلى البويضة.
- الحركة غير التقدمية (Non-Progressive Motility): تعني أن الحيوان المنوي يتحرك ولكن في مكانه أو في دوائر ضيقة جدًا، مما يمنعه من التقدم الفعلي داخل الجهاز التناسلي الأنثوي. ولكي يتمكن الحيوان المنوي من اختراق مخاط عنق الرحم والوصول إلى البويضة، يجب أن تكون حركته التقدمية لا تقل عن 25 ميكرومتر في الثانية.
ويتم تشخيص ضعف حركة الحيوان المنوي عندما تكون نسبة الحيوانات المنوية ذات الحركة الفعالة أقل من 32% من إجمالي العدد.
أسباب ضعف حركة الحيوان المنوي
تتعدّد أسباب ضعف حركة الحيوان المنوي، وفي بعض الحالات قد لا يكون هناك سبب واضح ومحدد، ولكن هناك عوامل طبية وسلوكية شائعة يمكن أن تؤثر على حركة الحيوانات المنوية وجودتها، ومن أبرزها:
تلف الخصيتين:
الخصيتان هما المسؤولتان عن إنتاج وتخزين الحيوانات المنوية، وأي ضرر يصيبهما قد يؤثر على جودة الحيوانات المنوية وحركتها. وتشمل أسباب تلف الخصية:
- العدوى.
- سرطان الخصية.
- الجراحات السابقة في الخصيتين.
- العيوب الخَلقية.
- الخصية المعلقة (عدم نزول الخصيتين في مكانهما الطبيعي عند الولادة).
- الإصابات المباشرة في الخصيتين.
استخدام المنشطات أو المخدرات:
الاستخدام الطويل للستيرويدات قد يقلل من عدد الحيوانات المنوية وحركتها وأيضاً بعض الأدوية العشبية، وكذلك تعاطي المخدرات قد يؤثر سلبًا على جودة السائل المنوي.
دوالي الخصية:
دوالي الخصية هي توسّع غير طبيعي في أوردة كيس الصفن، وترتبط بشكل مباشر بانخفاض حركة الحيوانات المنوية وضعف الخصوبة.
مشكلات وأمراض صحية أخرى:
- بعض الأدوية قد تؤثر على حركة الحيوانات المنوية وقد تتسبب في ضعف حركة الحيوان المنوي.
- التليفات الناتجة عن جراحات سابقة أو التهابات.
- السرطان أو علاجات السرطان مثل العلاج الكيماوي أو الإشعاعي.
- اضطرابات هرمونية تؤثر على إنتاج الحيوانات المنوية.
- بعض الأمراض مثل الداء البطني (السيلياك).
- بعض الاضطرابات الجينية.
- وجود أجسام مضادة تهاجم الحيوانات المنوية.
- التهابات أو انتفاخ في أوردة الخصية.
أسلوب المعيشة والعوامل البيئية
بعض العوامل المتعلقة بأسلوب الحياة والبيئة المحيطة قد تؤدي أيضاً للتأثير على حركة الحيوان المنوي وقد تؤدي إلى ضعف حركة الحيوان المنوي ومنها:
- تعاطي المخدرات أو الإفراط في تناول الكحول.
- التدخين.
- الجلوس لفترات طويلة، أو العمل في بيئات تحتوي على مواد كيميائية صناعية ضارة.
- الضغط النفسي والاكتئاب.
- السمنة.
ضعف حركة وعدد الحيوانات المنوية يُعد من أبرز أسباب تأخر الإنجاب عند الرجال. وفي بعض الحالات، قد تظهر أعراض أخرى مثل:
- ضعف الانتصاب.
- ألم أو تورّم في الخصيتين.
- علامات على وجود خلل هرموني، مثل تغيّرات في نمو شعر الجسم.
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
تشخيص ضعف حركة الحيوان المنوي
يعتبر تحليل السائل المنوي (Semen Analysis) من أبسط وأكثر الفحوصات فاعلية في تقييم الخصوبة لدى الرجال، حيث يمكنه الكشف عن 9 من كل 10 حالات تعاني من مشاكل في الإنجاب. وهذا التحليل يقيس عدة جوانب تتعلّق بالحيوانات المنوية، مثل شكلها، عددها، وحركتها، بالإضافة إلى تفاعلها داخل السائل المنوي.
وعادةً ما يتم جمع العينة عن طريق الاستمناء في غرفة مخصصة داخل مركز التحاليل أو عيادة الطبيب. ولضمان دقة النتائج، يُطلب من الرجل الامتناع عن ممارسة العلاقة الجنسية لمدة تتراوح بين يومين إلى سبعة أيام قبل إعطاء العينة، بهدف زيادة كمية السائل المنوي.
ومن المهم أن يتم جمع كامل كمية القذف داخل وعاء معقم، حتى تكون النتائج دقيقة وشاملة. وفي بعض الحالات، يُسمح بجمع العينة في المنزل، لكن يجب توصيلها إلى المعمل خلال ساعة واحدة فقط من وقت الجمع.
ولا يُنصح بوضع العينة في الثلاجة، بل يجب حملها بالقرب من الجسم للحفاظ على درجة حرارة قريبة من حرارة الجسم الطبيعي، وذلك للحفاظ على جودة العينة. ويمكن أيضًا جمع العينة من خلال العلاقة الزوجية باستخدام واقي خاص مُصمَّم لجمع السائل المنوي، أو عن طريق الانسحاب قبل القذف.
ولكن من الضروري عدم استخدام الواقيات الذكرية التجارية العادية، لأنها قد تحتوي على مواد مزلقة أو قاتلة للحيوانات المنوية تؤثر على دقة التحليل.
وتجدر الإشارة إلى أن نتائج العينة قد تختلف من مرة لأخرى، نتيجة لعوامل مثل مدة الامتناع عن الجماع أو وجود مرض مؤقت. لذلك، يُنصح غالبًا بإجراء تحليلين بفاصل زمني يتراوح بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع لضمان دقة التشخيص.
وإذا أظهر التحليل أن نسبة الحيوانات المنوية ذات الحركة التقدمية أقل من 32%، فقد يتم تشخيص الحالة على أنها حالة من حالات ضعف حركة الحيوان المنوي.
علاج ضعف حركة الحيوان المنوي
يعتمد علاج ضعف حركة الحيوان المنوي في كثير من الحالات على تعديل أسلوب الحياة وتحسين العادات اليومية، بالإضافة إلى بعض المكملات الغذائية التي قد تُساعد في دعم الصحة الإنجابية. وتتضمن بعض الطرق المقترحة للتعامل مع حالة ضعف حركة الحيوان المنوي:
اتباع نظام غذائي صحي:
يلعب النظام الغذائي دورًا مهمًا في دعم صحة الحيوانات المنوية. وتشير بعض الدراسات إلى أن أنواعًا معينة من الأطعمة قد تُقلّل من عدد الحيوانات المنوية وجودتها، مثل:
- اللحوم المصنعة مثل السجق والسلامي.
- الدهون المتحولة التي توجد في بعض الوجبات السريعة والمخبوزات التجارية.
- منتجات الصويا بكثرة، لأنها تحتوي على مركبات تشبه هرمون الإستروجين.
- منتجات الألبان كاملة الدسم مثل الحليب الكامل الدسم.
- الأطعمة التي تحتوي على بقايا مبيدات حشرية، لذا يُنصح بغسل الخضار والفاكهة جيدًا قبل تناولها.
- الأطعمة المغلفة بمواد تحتوي على مادة BPA، وهي مادة كيميائية قد تؤثر على التوازن الهرموني.
وفي المقابل، هناك أطعمة يُنصح بها لدعم حركة وعدد الحيوانات المنوية، ومنها:
- الأسماك الغنية بالأوميغا-3، والتي قد تحسن من جودة الحيوانات المنوية.
- الفواكه والخضروات الطازجة الغنية بالفيتامينات ومضادات الأكسدة.
- الجوز (عين الجمل)، ففقد أظهرت دراسة أن تناول 18 حبة يوميًا لمدة 12 أسبوعًا ساعد في تحسين عدد الحيوانات المنوية.
اقرأ أيضاً: نصائح متعددة لتحسين جودة الحيوانات المنوية
الإقلاع عن التدخين:
يُعد التدخين من العوامل الضارة بصحة الجهاز التناسلي للرجال والنساء على حد سواء. فهو لا يقلل من عدد الحيوانات المنوية فحسب، بل قد يُلحق ضررًا بالمادة الوراثية داخلها، مما يزيد من فرص الإجهاض أو تأخر الإنجاب.
ونظرًا لأن الحيوانات المنوية تستغرق حوالي 3 أشهر للنضج، يُنصح بالإقلاع عن التدخين قبل محاولة الحمل بثلاثة أشهر على الأقل. والإقلاع الفوري عن التدخين يُحسن من جودة الحيوانات المنوية، ومع مرور الوقت قد ترتفع نسبة الحركة والعدد بشكل ملحوظ.
تناول المكملات الغذائية المناسبة:
على الرغم من الحاجة إلى المزيد من الدراسات، إلا أن بعض المكملات قد تُساعد في تحسين عدد وحركة الحيوانات المنوية، ومنها:
- حمض الأسبارتيك D-Aspartic Acid: يُعتقد أن له علاقة بمستويات التستوستيرون، وقد يكون مفيدًا إذا كان هناك خلل هرموني.
- فيتامين C: مضاد أكسدة قوي. إحدى الدراسات أظهرت أن تناول 2000 مجم يوميًا لمدة شهرين زاد من حركة الحيوانات المنوية بنسبة تزيد عن 90%، وقلل من الحيوانات المنوية التالفة إلى النصف تقريبًا.
- فيتامين D: نقصه يرتبط بانخفاض مستوى التستوستيرون. إحدى الدراسات أظهرت تحسنًا ملحوظًا في الهرمونات بعد استخدامه لمدة عام.
- الحلبة (Fenugreek): بعض المكملات المصنوعة من مستخلص الحلبة ساعدت في تحسين مستوى التستوستيرون والوظيفة الجنسية في إحدى الدراسات.
- الزنك: قد يُحسن من عدد الحيوانات المنوية ومستوى التستوستيرون لدى من يعانون من نقص فيه، لكن الكميات الزائدة قد تكون ضارة.
- عشبة الأشواجندا (Ashwagandha): تناولها يوميًا لمدة 3 أشهر أدى إلى زيادة عدد الحيوانات المنوية بأكثر من 150%، وزيادة في الحركة بأكثر من 50%.
- جذر الماكا (Maca Root): دراسة أولية أظهرت تحسنًا في العدد والحركة بعد استخدامها لأربعة أشهر، لكن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث.
- إنزيم Q10 (Coenzyme Q10): أظهرت دراسات مبكرة زيادة في العدد بنسبة 17%، والحركة بأكثر من 50%، لكن لا يوجد تأكيد بعد إن كان ذلك يؤدي إلى زيادة نسب الحمل.
هل يحدث حمل مع ضعف حركة الحيوان؟
من الممكن حدوث الحمل حتى في حالة ضعف حركة الحيوان المنوي، خاصة إذا كانت الحيوانات المنوية سليمة من حيث الشكل والعدد. ويُوصي أغلب أطباء الخصوبة بمحاولة الحمل بشكل طبيعي لمدة عام، مع الانتظام في العلاقة الزوجية كل يومين إلى ثلاثة أيام، حتى مع وجود ضعف في الحركة.
وفي كثير من الحالات، يحدث الحمل طبيعيًا خلال هذا العام، ولكن إذا لم يحدث الحمل، فقد يكون من المناسب اللجوء إلى تقنيات مساعدة على الإنجاب، مثل:
- التلقيح الصناعي داخل الرحم (IUI): حيث يتم إدخال الحيوانات المنوية مباشرة داخل الرحم لتسهيل وصولها للبويضة.
- أطفال الأنابيب (IVF): حيث يتم تخصيب البويضة بالحيوان المنوي خارج الجسم، ثم إعادة البويضة المخصبة إلى الرحم.
وهذه الوسائل تهدف إلى تقليل المسافة التي يحتاج الحيوان المنوي لقطعها، وبالتالي تزيد من فرص حدوث التخصيب والحمل.
وفي الختام لابد أن تتذكر أن ضعف حركة الحيوان المنوي لا يعني نهاية الطريق، بل هو بداية لفهم المشكلة واتخاذ الخطوات المناسبة للعلاج. ومع التقدم في وسائل التشخيص والعلاج، أصبح من الممكن تحسين حركة الحيوانات المنوية وزيادة فرص الإنجاب بشكل كبير، بشرط المتابعة مع طبيب مختص لديه الخبرة والاطلاع.
وهنا تأتي أهمية المتابعة مع د. كريم عمر، أستاذ واستشاري أمراض الذكورة والعقم والمسالك البولية بكلية الطب جامعة عين شمس، وصاحب خبرة طويلة في تشخيص وعلاج حالات تأخر الإنجاب والعقم عند الرجال. حيث يتميّز د. كريم بفهمه العميق لتفاصيل الخصوبة الذكرية، واستخدامه لأحدث البروتوكولات والأجهزة المعتمدة علميًا لتحقيق أفضل النتائج للمرضى.
وسواء كنت في بداية رحلة البحث عن أسباب تأخر الحمل، أو كنت قد أجريت تحاليل وتبحث عن خطة علاج واضحة، فدكتور كريم عمر هو الاختيار الأمثل. احجز استشارتك الآن، وابدأ خطواتك بثقة نحو حلم الأبوة.